سُئل المؤلف العالمي (والتر ستابلس) صاحب مقولة (مانحن إلا أفكارنا, وما أفكارنا إلا نحن) في أحد اللقاءات عما هي أكثر الأشياء التي لا تصدق من تلك التي تعلمها من حياته, فقال: (إنها حقيقة أننا نصير إلى ما نفكر بشأنه تفكيرا واعيا أغلب الوقت, وأن بوسعنا التحكم بهذه العملية عن طريق اختيار أفكارنا التي نسمح لها بالولوج إلى عقلنا لننشغل بها), كذلك للفيلسوف العظيم أفلاطون مقولة شهيرة يقول فيها (إننا نصير ما نفكر فيه ونتأمله), أيضا هناك حكمة تقول (كما يفكر المرء في فؤاده يكون), أيضا يقول الإيرل نايتناجل (إننا نتحول إلى ما نفكر به).
هذه المقولات التي تختلف في كلماتها وتتطابق في معناها والتي صدرت من عدة فلاسفة ومثقفين يشهد لهم التاريخ سواء في العصر القديم أو في العصر الحديث لم تحدد لجهة محددة أو لقطاع معين, ولأنها وردت هكذا وبشكل عام دعونا نطبق محتواها على الرياضة وبعيدا عن الأمور الفنية والإدارية التي أشبعناها طرحا.
ولنبدأ مع المنتخب الإسباني الذي حقق كأس أمم أوروبا الأخيرة وفكر بعد هذا الانجاز في كأس العالم 2010 وعمل واجتهد وجعل تفكيره منصبا على تحقيق كأس العالم (فصار إلى ما فكر فيه وتأمله).
وتأملوا بماذا فكرت اليابان على جميع الأصعدة وليس الرياضة فقط, فلقد فكروا في أن يكون بلدهم مركزا للصناعة فتحقق مرادهم, وفكروا في أن يسود النظام بلادهم في شتى مناحيه الحياتية فأصابوا الهدف, والأهم لنا نحن الرياضيين أنهم فكروا في صناعة جيل يستطيع أن يحترف خارج دائرة آسيا وبالذات في الدوريات الأوروبية (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه), ونتج عن هذا التفكير فتح أعين الأوروبيين على اللاعبين اليابانيين واستقطابهم للعب في دورياتهم التي يتمنى أي لاعب أن يلعب فيها ولو مجرد احتياط, ونتج عن هذا التفكير زيادة عدد المحترفين اليابانيين في أوروبا مما ساعد منتخبهم الوطني على منافسة جميع المنتخبات الآسيوية بل والتفوق عليها بدرجة كبيرة وبفارق شاسع.
في المقابل بماذا فكر منتخبنا الوطني أو القائمين عليه؟!! أدع الإجابة لكم وأنتم أحرار فيما تقولونه.
أما على مستوى الفرق فدعونا نتأمل بماذا فكر القائمون على فريق برشلونة (أفضل فريق في العالم), لقد فكروا في صنع لاعبين يستطيعون صناعة الفرق مع أي فريق (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه), وفكروا في صناعة فريق لا يقهر ولا يفكر في الفريق الذي أمامه, وهل هو فريق صغير أم فريق كبير, فالجميع أمام برشلونة سواسية لا فرق بينهم(فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه), وفكروا في أن يجعلوا من فريق برشلونة فريق العصر الذي يتغنى به الخصوم قبل المحبين (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه), وفكروا في أن يكون فريق برشلونة هو المتسيد على المشهد العالمي (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه).
أما على المستوى المحلي فدعونا نتأمل في أفضل فريق منذ التأسيس ألا وهو نادي الهلال, وتأملوا في تفكير القائمين عليه وبماذا فكروا؟!! وهل نجحوا في تطبيق أفكارهم؟!! الواقع يقول إن الهلاليين فكروا في أن يكون فريقهم زعيم لقارة آسيا (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه), وفكروا في أن يكون الهلال زعيما متفردا بالزعامة على المستوى المحلي (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه), ونجحوا في تطبيق أفكارهم التي تمحورت حول أن يبقى الهلال أولاً ومن ثم تأتي الأسماء, وأن يبقى الهلال هو الثابت والبقية متحركون (فصاروا إلى ما فكروا فيه وتأملوه).
في المقبل نجد أن كل فريق من فرق دوري زين السعودي (صار إلى ما فكر فيه وتأمله), فالنصر فكر في أن الهلال مدعوم محليا من قبل الجميع فترك الجمل بما حمل (وصار إلى ما فكر فيه وتأمله), وفريق الاتحاد كان في يوم ما نداً قويا للهلال حينما كان يفكر في زرع الابتسامة على شفاه محبيه بتحقيق البطولات والانجازات ولكنه أعطى فكره راحة وتنازل عن المنافسة وجعل فكره منصبا على محاربة أعضاء شرفه وخاصة منصور البلوي الذي يعتبر هو أول من بدأ بالحرب على فريقه منذ ابتعاده عن كرسي الرئاسة وكأنه يريد الانتقام (فصار فريق الاتحاد إلى مافكر فيه وتأمله), أما فريق الأهلي فلقد بقي مشتت الفكر لا يعي ماذا يريد وماذا لا يريد (فصار إلى مافكر فيه وتأمله), وتأتي بقية فرق الدوري كل فريق يصير إلى مافكر فيه وتأمله, فقط انظروا إلى الدوري السعودي حاليا فسوف تجدون أن من فكر في البطولات حققها ومن فكر في البقاء وجده, وانظروا إلى فريق الحزم كخير دليل, فحينما فكر في الهبوط وجده أمامه.
بقي أن نقول ماقاله والتر ستابلس (إذا عرفت ماتفكر به سأعرف من أنت, وإلى أين ستمضي في حياتك, إنها أفكارنا التي تحدد من نحن, ونحن جميعا نصنع غدنا بناء على ما نفكر بشأنه اليوم, وهكذا.. فعن طريق تغيير أفكارنا ببساطة يمكننا أن نغير من نحن, وأن نغير عندئذ كل أوجه حياتنا).
تحت السطر
*انظروا إلى الناجحين فسوف تجدونهم دائما ما يفكرون في التقدم للأمام وإكمال مسيرة نجاحهم, حتى وإن تعثروا تجدونهم ينهضون بسرعة البرق لأنهم لا يفكرون في غير النجاح.
*وانظروا إلى الفاشلين فسوف تجدونهم لا يستطيعون على السير ولا حتى يستطيعون التفكير في كيفية الخلاص من هذا الفشل.
*أعتقد بأن فرقنا في آسيا حققت المراد والمطلوب منها, فالهلال وإن لم يستطع الحفاظ على تقدمه إلا أن التعادل كان جيدا إذا ماقسنا الأمور بالحالة النفسية التي كان عليها اللاعبون قبل إقامة المباراة وما تم تداوله إعلاميا من سفر أو عدم سفر البعثات السعودية لإيران.
*ما ينطبق على الهلال ينطبق على فريق الاتحاد، فرغم الخسارة التي مني بها إلا أن فريق الاتحاد ضمن التأهل من قبل إقامة المباراة ولكن ما أتمناه أن يتصدر الاتحاد مجموعته وأن يتصدر الهلال مجموعته لتفادي تصادم فريقين سعوديين.
*أما فريق النصر فقد كان نجما ساطعا في سماء آسيا في ليلة أنسى فيها جماهيره ثلاثة الاتفاق وأبدع نجومه بدر المطوع وسعود حمود وخالد الزيلعي وكان لهم قيمة فنية عالية.
*ممثلنا الرابع فريق الشباب أعتقد بأنه حقق فوزا مهما ولكن يبقى الأهم فوزه على الفريق الإيراني في إيران لكي يخرج من الحسابات المعقدة التي قد ترمي به خارج آسيا.
*رغم أنني أميل لريال مدريد الذي أحببته لأنني كنت من عشاق زين الدين زيدان إلا أنه لا ضرر لدي في أن أقول إن برشلونة هو أفضل فريق في العالم وأبارك لجميع محبيه وأنصاره على التأهل لنهائي أبطال أوروبا.
نقطة تأمل
السعادة ليست في اشتهاء ما ليس لديك, وإنما في الاستمتاع بما لديك فعلا.