الطباخ العظيم
يحكى أن فتاة اشتكت لأبيها مصاعب الحياة، فقد أتعبتهاالمشاكل، ذلك إنه ما أن تحل مشكلة تظهر مشكلة أخرى، وضاقت كثيراً بهذه المشاكل ولا تدري ماذا تفعل لتنجو من هذه المشاكل.
كان أبوها طباخاً، فاصطحبها إلى المطبخ، وملأ ثلاثة أوان بالماء، ووضعها على نار مرتفعة، وسرعان ما أخذت المياه في الغليان في الآنية الثلاثة. وضع الأب في الإناء الأول جزرة، وفي الثاني بيضة، وفي الثالث بعض حبات القهوة.
وجلس ينتظر ..
مضى القليل من الوقت، ثم أطفأ الأب النار وأخذ الجزرة ووضعها في طبق، والبيضة وضعها في طبق آخر، وأخذ مشروب القهوة ووضعه في وعاء ثالث، ونظر إلى ابنته وسألها: ماذا ترين يا بنيتي؟
فقالت: جزرة وبيضة وبن.
ولكن الأب الحكيم كان يريد من ابنته أن تتعمق أكثر في المعنى، فقال لها: اختبري كل عنصر من هذه العناصر.
فطلب منها أن تتحسس الجزر فلاحظت أنه صار ناضجا وطريا ورخوا …
ثم طلب منها أن تنزع قشرة البيضة، فلاحظت أن البيضة باتت صلبة …
ثم طلب منها أن ترتشف بعض القهوة الغنية …
والابنة في تعجب تام .. فسألت أبيها: ولكن ماذا يعني هذا يا أبي ؟؟!
فقال حكمته وألقمها درسه: اعلمي يا عزيزتي أن كلا من الجزرة والبيضة والبن واجه الخصم نفسه، وهو المياه المغلية لكن كلا منها تفاعل معها بنحو مختلف.
لقد كان الجزر قويا وصلبا ولكنه مالبث أن تراخى وضعف، بعد تعرضه للمياه المغلية ..
أما البيضة فقد كانت قشرتها الخارجية تحمي سائلها الداخلي، لكن هذا الداخل ما لبث أن تصلب عند تعرضه لحرارة المياه المغلية ..
أما القهوة المطحونة فقد كان ردة فعلها فريدة .. إذ أنها تمكنت من تغيير الماء نفسه ..
فانظري لنفسك يا بنيتي، وكيف تواجهين مصاعب الحياة من هذا المثال .. هل تهزك المصاعب وتظهرك على حقيقتك عكس ما كنت تبدين (الجزرة) .. أم أنك عكس ما تبدين بإيجابية، فأنت رخوة هشة، ولكن ما إن تعرضتي للمصاعب حتى اشتد عودك وازددت صلابة (البيضة) .. أم أنك من النوعية الذي إن واجه المصاعب بكل صورها وأشكالها، لم يكتف بمواجهتها فحسب، بل حولها لصالحه، فتحولت المشكلة من عقبة في الطريق، إلى عامل مساعد على السير (القهوة).
فانظر لنفسك ..كيف تكون عند مواجهتك لمصاعب الحياة ..
فبالرغم مما في الحياة من شدائد وصعاب تبقى جميلة .. لكن علينا أن نحسن المواجهه معها..